زلة قدم
أسبل النهار جفنيه
وتثاقلت أنفاسه
وألت شمسه إلى المغيب
فالتحم نصفها بمياه البحر مكونين مزيجا من الغموض والإثارة ..
وهناك..
على حافة البحر جلس هو يتأمل..
أو هذا ما يبدو ظاهريا ففي واقع الأمر هو خائف ..
مكتئب ..
حزين ..
يبكى قلبه دموعا من دم.
جاء هنا لأنه يرتاح كثيرا إلى هذا المكان
بجماله وغموضه وخصوصا في هذا الوقت..
عند غروب الشمس عند التحامها مع مياه البحر وحتى تغيب داخله تماما
يجعله هذا المشهد يسبح داخل أعماق أعماقه فيسترجع كل ما يؤلمه وكأنه مر منذ دقائق قليلة لكنه في هذه المرة لم يكن يسترجع لأنه بالفعل كل ما يؤلمه قد مر منذ دقائق قليلة .. اتهم بالسرقة من عوائد الشركة التي يعمل بها ..
بيده تقارير طبية تؤكد إصابته بمرض السرطان ..
مشاكل جمة مع أخوته بسبب الميراث بدأت منذ وفاه والدة أي منذ عشرة أيام فقط.. وفوق كل هذا حبيبته
حبيبته التي يذوب حبا فيها بل يعشقها حتى النخاع
والتي للأسف
لا تحبه..
عندما جاءت على مخيلته خفق قلبه بقوة وتنهد تنهيده حااارة خرجت من أعمق أعماق قلبه وانحدرت دمعه وحيدة بائسة من عينيه تشق طريقها إلى النور...
شعر بثقل أنفاسه رغم الرياح التي تحوطه من كل جانب..
تثاقلت همومه وتضاربت المشاكل داخل رأسه وتملكته الحيرة
فكيف يخرج من كل هذا دفعه واحدة
لم يعد يستطيع التحمل حقا
أخذ يبحث عن حل يريح به نفسه ويريح الجميع منه فقام من جلسته وتقدم بحذر نحو الحافة ونظر إلى الأسفل بجرأة لم يتعودها في نفسه رغم علو الحافة الشاهق ..
لم يخف وإنما حدثته نفسه بالقفز من مكانه طلبا للراحة
وهم أن يفعل ذلك حقا لكنه تذكر أن ميتة كهذه تلقى به في جهنم ويئس المصير فيعش تعيسا في الحياتين..
تراجع عن تفكيره الأحمق الغاضب وتراجع أيضا في خطواته لكن فجأة زلت بعض الأحجار الصغيرة من تحت قدميه وسقط...
عمل بيده بين الأحجار في محاوله للتشبث بإحداها لكن البروز الواضحة كانت ضعيفة جدا لم تمنعه من السقوط المدوي هذا
لم يوقف سقوطه المدى هذا سوى جزع شجرة نبت من بين الأحجار وكأنما وجد خصيصا لينجيه تعلق به لدقيقتين سكن قليلا واخذ يبحث بنظرة عن أي شيء قد يمنعه من شبهه الانتحار هذه لكنه لم يجد ولم تتحمل زراعه أكثر من هاتين الدقيقتين فعاد وسقط من جديد حتى ارتطم بمياه البحر بعنف لم يشعر بعدها بشيء
عادت به الذاكرة إلى الوراء تذكر أوقاتا كان قد نسيها من حياته
تذكر والديه رحمهما الله
مرت حياته أمام ناظريه من جديد حتى توقفت عند صورة بعينها
صورة حبيبته
وهنا
انتفض جسمه وفتح عينيه لم يرى بوضوح في بادىء الأمر ولكن سرعان ما اتضحت الصورة
ظن انه ميتا لكن عاد وأدرك انه مازال حيى يرزق
نجاه الله من ميتة يشوبها انتحار وأعاده إلى الحياة مرة أخرى
لكن عاد إنسانا آخر
إنسانا قويا بإرادته
عظيما بعزيمته
رغم انه أكمل حياته برئه واحدة لكن هذا لم يوقف مسيرته عاد إلى هوايته القديمة إلى الكتابة حتى صار كاتبا معروفا واجه الحياة بكل ما أوتي من قوة فأخذ حقه في ميراث أبيه بالقانون
معدلات شفائه من السرطان تأخذ منحنى ايجابيا عظيما,
أما حبيبته فقد تخلى عن التعرض لها تماما بل لقد حضر عرسها بنفسه منذ مدة
مؤكد تتساءلون كيف عرفت كل هذه التفاصيل عن حياة هذا الرجل
هذا لأننا شخص واحد
انه أنا